قرارات التعليم- بين معاناة أولياء الأمور وضياع مستقبل الطلاب
المؤلف: عبده خال08.24.2025

وزارة التعليم، في خضم سعيها الدؤوب للتطوير، غالباً ما تتخذ قرارات تُشعر أولياء الأمور بالإحباط، بل وحتى بالرفض. هذه الحقيقة المرة تتجلى بوضوح في سلسلة القرارات الأخيرة التي أثارت استياءً واسعاً، وذلك لعدم إيلاء الأثر المحتمل لهذه القرارات على العملية التعليمية الأهمية التي تستحقها. فكل قرار، مهما بدا بسيطاً، يجب أن يسبقه دراسة متأنية لآثاره المحتملة على الطلاب وأولياء أمورهم على حد سواء. المؤسف في الأمر أن العديد من القرارات التعليمية يتم تبنيها بحماس، ثم ما تلبث أن تُطوى صفحتها سريعاً بعد أن يتبين عدم جدواها، لتبقى السنوات تمضي في دوامة لا تنتهي من تثبيت القرارات وإلغائها، مما يجعل التعليم في حالة من التذبذب المستمر، حبيس دائرة مفرغة من التجارب الفاشلة التي لا تُحدث أي تغيير إيجابي حقيقي في جوهر العملية التعليمية.
ومما يزيد الطين بلة، هو إصدار قرارات لا تراعي ظروف أولياء الأمور المتنوعة، وانشغالاتهم الكثيرة، وحرصهم الشديد على توفير بيئة تعليمية سلسة وميسرة لأبنائهم. وفي هذا السياق، تلقيت رسالة من أحد أولياء الأمور، يصف فيها معاناته مع قرار قد يعرقل المسيرة التعليمية لابنته، وذلك لعدم مراعاة هذا القرار لظروفه الشخصية. أجد من واجبي أن أنقل هذه الرسالة هنا بأمانة كما وردتني، وهذا نصها:
(بعد أن أعلنت وزارة التعليم عن إطلاق المنصة الوطنية الموحدة للقبول في الجامعات والكليات ومقاعد الابتعاث، بهدف المساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتحسين تجربة الطالب وتمكينه من اتخاذ قراراته بثقة ووفق معايير الكفاءة والشفافية... تفاجأنا بأن النتائج كانت عكسية تماماً. فبدلاً من أن تتم عملية القبول بسهولة ويسر كما اعتدنا في السنوات السابقة، حيث كان يتم الفرز وتخفيض نسب القبول بسهولة، حتى أن بعض الجامعات كانت تصل إلى عدد كبير من الفرز قد يصل إلى 6 أو 7 مرات، مما يسهم في خفض النسب المحددة للقبول لأكبر عدد ممكن من الطلاب والطالبات وفقاً لإمكانيات الجامعة... بخلاف ما حدث في هذا العام، حيث تم إجبار المتقدمين على إدخال 25 رغبة حتى يتمكن الطالب أو الطالبة من استكمال الطلب، مع اشتراط تأكيد القبول للاستفادة من الترقية في الرغبات، مما اضطر الطالب أو الطالبة إلى تسجيل رغبات لا يرغبون بها في أماكن بعيدة عن مسكنهم، فقط من أجل استكمال الطلب. وللأسف، يتم قبولهم في هذه الرغبات، مع عدم وجود خاصية للحذف إلا عن طريق مراسلة المنصة، وهو أمر غير عملي نظراً للعدد الهائل من الطلبات على مستوى المملكة، مما دفعهم أخيراً إلى تفعيل خاصية الحذف. ونتيجة لذلك، بقيت الرغبات ثابتة ولم تتم الترقية لثبات النسب، مما ألحق الضرر بالطلاب والطالبات. كان الأجدر تجربة المنصة بالتوازي مع البرامج المخصصة في الجامعات، والاستفادة من خبراتهم وطريقتهم في معالجة القبول قبل إطلاقها، بدلاً من تحطيم مستقبل الطلاب والطالبات. فكم من ابن أو ابنة تم قبولهم في خارج منطقتهم، مما يتسبب في تشتيت الأسرة، وإن أراد التسجيل في جامعة أهلية، فكلنا يعرف قيمة الرسوم التي يمكن أن يتكبدها. ننتظر من معالي الوزير معالجة الوضع رحمة بالطلاب وأولياء أمورهم). هذه الرسالة تعكس معاناة حقيقية يعيشها أولياء أمور الطلاب، وخوفهم المتزايد على مستقبل أبنائهم، وهو ما يستدعي مراجعة دقيقة وشاملة لهذا القرار، حتى لو كان هذا الأثر السلبي يقع على طالب أو طالبة واحدة.
في الختام، يجب على صانعي القرار أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن يستوعبوا الأخطاء التي قد تنتج عن قراراتهم، وأن يتحلوا بالشجاعة الكافية لإلغاء أو تصويب أي خطأ يظهر أثناء تنفيذ القرار. أليس هذا هو الصواب بعينه يا وزارة التعليم؟ يجب أن يكون همكم الأول هو مصلحة الطالب، وتذليل الصعاب أمامه، لا أن تكونوا سبباً في تعقيد الأمور وإثقال كاهل أولياء الأمور. فالتعليم هو عماد المستقبل، ومستقبل أبنائنا أمانة في أعناقكم.